البصرة / عبد الحسين الغراوي
الأهوار.. واحة مائية خضراء تطفو فوق أديم الجنوب، تغسل الشمس صباحاتها العراقية المبكرة وجه الطبيعة الغافي على إصلاحها الموشومة بضحكات أطفال أهلها وطيورها التي تدور بتناسق فوق أهدابها وأجوائها الجمالية التي تتشكل بألوان قوس قزح وكأنها لوحة جميلة اختطتها فرشاة رسام ماهر أو عدسة مصور مبدع، لكي تظل تعكس لنا براءتها وعذوبة تكويناتها الجغرافية والبيئية، وتطلق في فضاءاتها المفتوحة صوتاً شجياً يتناغم مع أسراب الطيور وضحكات دجاج الماء القادم من أصقاع العالم، ليحل ضيفاً على الأهوار وهي تخفي أحزانها وخصوصيتها الطبيعية وسر تكوينها،

في حين يظل أهلها يتوزعون على بساطها المائي الأخضر، وهو يحتضن أطفالها المتوجهين مع الغبش بمشاحيفهم الصغيرة إلى الصيد - صيد البط المائي والسمك الساكن في قيعان الأهوار الممتدة حتى جذور الماضي السحيق، حيث تتراءى لهم عبر كتل المياه النباتات المائية وغابات القصب والبردي - هذه الأيقونة بما تحمله من جمالية في طبيعة الأهوار وعالمها السرمدي تظل مفتاحاً للمبدعين من الذين يعرفون كيف يتمسكون بأهداب الأهوار، ثم يمنحونها ذلك الضوء الذي يلتقط جمالها كومضة البرق - لتأتينا بعد ذلك الصورة، وثيقة حياتية تعكس ذلك الجمال الطبيعي المأخوذ بحب سكان الأهوار وعذرية حياتهم وقدرتهم الخرافية على تطويعها، لكي تغفو بحنان وبراءة على البساط المائي الأخضر، ووحده الناي يبقى يعزف لهذه المملكة المائية التي وهبها الله لهؤلاء الناس الذين يشكلون أغنيتها الحياتية الخالدة - لكي يبقي لنا مصور هذا العالم المفتوح الذي اسمه الأهوار الفنان المبدع حيدر الناصر هذه اللوحة المؤطرة الجميلة معلماً جمالياً من معالم طبيعتنا العراقية وواحة خضراء نوجه إليها عدسات كامراتنا التي تحفظ لنا هذا التأريخ الجميل من عالم الأهوار الذي يبوح بأسراره مثل طيوره المهاجرة التي عندما تعود تبقي لنا غناءها بطوق عالم الأهوار.
منقول من
http://almadapaper.net/sub/09-771/p11.htm